مركزية الإنسان والسياسة التي توائم ما بين الاحتياج الأساسي الإنساني والاحتياج السياسي، تمثّل قضيةً جوهريةً تسعى خطط عديدة منشودة لإعادة إعمار غزّة إلى طمسها وإنكارها. فمركزية هذه الثنائية، الإنسان والسياسة، تمثّل نقطة بداية مغايرة لما هو مفروض على الفلسطينيين في غزّة، فتبنّي مقاربة كهذه، تربط الاحتياج الأساسي الإنساني بالاحتياج السياسي، وتخرج الفلسطينيين من المربّعات والأطر المفروضة عليهم، وتجبرهم على الاتيان بمواطن القوة وإعادة بنائها أحدَ متطلّبات إعادة الإعمار الأشمل، وعندها ترتفع درجة الندّية السياسية، مع إدراك درجة الاحتياج الأساسي. ولكنّ التركيز الحصري على الاحتياج الأساسي الإنساني (على أهميته القصوى) سيعرّي الفلسطينيين من وكالتهم وفاعليّتهم السياسية، ويخضعهم بوصفهم متلقّين ثانويّين في عملية يتوجّب عليهم قيادتها. وهذا بالضرورة لا يقتصر على الفلسطينيين في غزّة فحسب، وإنما يتعلّق بالكلّ الفلسطيني وبالفلسطينيين كافّة؛ إذ إن جُلّ الخطط تسعى إلى حصر الفعل الفلسطيني الأوسع وشرذمة الهُويَّة الفلسطينية الأشمل، وهذا ما يتوجّب صدّه فعلاً مقاوماً لكلّ محاولات تشظية الفلسطينيين وتفتيتهم
وعليه؛ يتوجّب على الفلسطينيين الانخراط بعملية مضادّة لما يفرض عليهم، وعدم التساوق والانصياع لشروط استعمار جديدة، وإن بدت في ظاهرها أقلَّ بشاعة. ونورد هنا نقاطاً للتفكير والتفاكر
![]()
إعادة إعمار غزّة ومركزية الإنسان والسياسة، علاء الترتير، العربي الجديد، 15 كانون الأول 2025
