تمنى القول إنّ إعلان الانتخابات التشريعية والرئاسية نجمَ من دوافع محلية وشعبية، لكنه أبعد ما يكون عن ذلك. أتمنى القول إنه جاء بسبب المطالبات والضغوط الشعبية، أو بهدف إصلاح النظام السياسي، أو إعادة ابتكار أنماط الحكم القائمة، أو حتى تجديد القيادة السياسية. أتمنى القول إنّ الانتخابات ستكون “تتويجًا” لعملية طويلةٍ ومعقدة من العمل الديمقراطي. أتمنى القول إنها جاءت بسبب ما أفضت إليه آليات المساءلة الفعالة، أو من أجل إحياء الهياكل التنظيمية المتعطّلة وظيفيًا، كتلك التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. أتمنى القول إنّ القرار انتهت إليه حلقة عمل جادة سعت إلى عقد حوارٍ وطني شامل هادفٍ، يُعيد النظر في البرنامج السياسي الفلسطيني ويتبنّى استراتيجيةً استشرافية، وخطةَ عملٍ ملموسةً لإدراك الحقوق ونيل الحرية
الدوافع المذكورة أعلاه ليست السببَ وراء نية إجراء الانتخابات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة في وقتٍ لاحق. بل إن قرار عقد الانتخابات جاء، في المقام الأول، استجابةً لضغوطٍ وشروط خارجية دولية وإقليمية
المقاربةَ قصيرةَ النظر التي تتحاشى التعاملَ مع القضايا الأساسية كليًا لن تُؤدي إلا إلى ترسيخ البرنامج السياسي الحالي، وإطالة عمر نظام القيادة الراهن، وبخاصةٍ نظامي “فتح” و”حماس”. وعليه، تتهيأ الحركتان، بمساعدةٍ مقصودة وغير مقصودة من الفصائل السياسية الأخرى، كي تخرجا منتصرتين من الانتخابات المقبلة، بغض النظر عمَّن سيفوز بمقاعد أكثر. وقريبًا سوف تستمران في الاستحواذ على الغالبية العظمى من المقاعد في المجلس التشريعي، بدلاً من معاقبتهما ومحاسبتهما على جميع الأضرار والأذى الذي ألحقتاه بالنضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية. وهذا يثير السؤال: ما هو الهدف من انتخاباتٍ يُنظر إليها وسيلةً وغايةً في آن، من دون دراسةٍ جدّيةٍ لأبعادٍ أوسع وأكثر جوهرية تتعلّق بمجمل النظام السياسي، والاستراتيجية، والرؤية؟ فلن يبزغَ الأملُ في حدوث تغيير إيجابي جوهري، إلا إذا توقف الفاعلون السياسيون المهيمنون الحاليون عن تعزيز بعضهم بعضًا، وأُخضعوا للمحاسبة والمساءلة. وحينئذ سيكون للانتخابات معنى مختلفٌ وغايةٌ مختلفة
نشرت في جريدة العربي الجديد 13 شباط 2021